
1. التمثيل بالموت: آية التكيف البارعة
الهامستر يمتلك آلية دفاعية مذهلة تُعرف بـ”التمثيل بالموت” (Thanatosis)، حيث يُظهر تصلبًا جسديًا كاملاً، ويوقف حركته، ويبطئ معدل ضربات قلبه إلى حدٍ كبير، ويطلق رائحة تشبه الجثث المتعفنة لخداع المفترسين. هذه الاستراتيجية تتطور لدى صغار الهامستر بعد الأسبوع الثاني من العمر، وقد تستمر من ثوانٍ إلى 20 دقيقة. دراسة أجراها “مركز أبحاث سلوك القوارض” (2023) أظهرت أن 78% من الهامستر نجوا من هجمات الثعابين باستخدام هذه الآلية. في التربية المنزلية، قد يُظهر الهامستر هذا السلوك عند الخوف الشديد، لذا يُنصح بتجنب إيقاظه فجأة أو تعريضه لضوضاء عالية. يعتبر هذا التكيف نموذجًا رائعًا للبقاء في مملكة الحيوان، حيث يتحول الحيوان الضعيف إلى “جثة” غير جذابة للافتراس.
2. مستودعات الخدين: معجزة التخزين المتنقل
تمتلك الهامستر أكياسًا خدية مرنة (cheek pouches) تسمى “displostomes”، وهي ليست مجرد جيوب، بل نظام نقل متطور. هذه الأكياس تمتد من الفم إلى الكتفين، وتبطنها أنسجة عضلية تتحكم في فتحها وإغلاقها. يمكن للهامستر تخزين طعام يعادل 20% من وزن جسمه – أي ما يعادل إنسان يحمل 15 كجم من الطعام في فمه! الأكثر إثارة أن هذه الأكياس تخلو من الغدد اللعابية، مما يحافظ على جفاف الطعام المخزن. في البرية، يستخدم الهامستر هذه الميزة لنقل البذور والجذور إلى جحور تحت الأرض بعمق ٧ أمتار، بينما في الأسر، قد تخبئ ألعابك الصغيرة فيها! يُنصح بتوفير أغذية جافة مثل الذرة والفول السوداني لاستغلال هذه السمة بشكل آمن.
3. أسنان لا تتوقف عن النمو: تحدٍّ يومي
تنمو قواطع الهامستر بمعدل 2-3 مم أسبوعيًا طوال حياتها بسبب خلايا جذعية نشطة في قاعدة الأسنان. لو تُركت دون كحت، قد تنحني وتخترق الجمجمة! في البرية، يُبقي الهامستر أسنانه حادة عبر قرض الصخور والأخشاب، لكن في الأسر، يُصاب 30% منهم بمشاكل الأسنان بسبب نقص المواد القابلة للقرض. الحل؟ توفير أعواد التفاح أو الكمثرى العضوية (غير المعالجة بمبيدات) وألعاب المضغ الخشبية. دراسة نُشرت في “مجلة الطب البيطري للحيوانات الصغيرة” (2024) أكدت أن نقص هذه المواد يسبب سوء إطباق الأسنان (malocclusion)، مما يؤدي إلى تجويع الحيوان.
4. الرؤية: عالَمٌ ضبابي بالأخضر والأزرق
رؤية الهامستر تعتمد على 97% خلايا عصوية (للرؤية الليلية) و3% خلايا مخروطية فقط، مما يجعله شبه أعمى في الضوء الساطع، ويرى العالم بظلال خضراء وزرقاء. عيناه تتحركان بشكل مستقل، مما يمنحه مجال رؤية 360 درجة لاكتشاف المفترسات، لكنه لا يستطيع تمييز التفاصيل بعد 15 سم. لتعويض هذا الضعف، يعتمد على:
- الشارب: يهتز 30 مرة/الثانية لاكتشاف التغيرات الهوائية حول العوائق.
- الغدد الرائحة: يفرز فرمونات خاصة من غدد على الوركين لتحديد مسارات العودة للجحر.
لذا، عند التعامل مع هامسترك، تحدث إليه أولاً ليعرف مكانك عبر الصوت قبل اللمس
5. السباحة باستخدام الخدين: خدعة النجاة الغريبة
الهامستر الأوروبي (المهدد بالانقراض) يستخدم أكياسه الخدية كـسترات نجاة! عند مواجهة المياه، يملأها بالهواء لزيادة الطفو، ثم يسبح باستخدام أقدامه الخلفية بشكل متزامن. لكن هذه المهارة تنطوي على خطر: ففي الماء البارد، تنخفض حرارته الجسدية بمعدل 5°C/دقيقة، مما قد يؤدي لسكتة قلبية. لذلك، لا تُجرب إطلاقًا وضع الهامستر المنزلي في الماء. تنظيفه يكون بحمامات رملية (غبار خاص) تمتص الزيوت الجلدية دون إزالة الطبقة الواقية الطبيعية .
6. الهجرة إلى السرير البشري: تاريخ مستأنس
جميع الهامستر المنزلي (حوالي 1 مليار حيوان حول العالم) ينحدرون من أنثى واحدة! في 1930، عثر عالم الحيوان “إسرائيل أهاروني” على أم و١١ صغيرًا في حلب بسوريا. نفق معظمهم أثناء النقل إلى جامعة القدس، لكن الأخيرين (المسميين “جوان” و”آدم”) أسسوا مستعمرة توالدت لتُصدر إلى أمريكا عام 1938. السلالة السورية تمتلك تنوعًا جينيًا ضعيفًا بسبب هذه “عنق الزجاجة التطوري”، مما يجعلها عرضة لأمراض مثل “الذيل الرطب” (عدوى بكتيرية مميتة). اليوم، 95% من الهامستر الأليف ينتمون لهذه السلالة.
7. معمار الجحور: مدن تحت الأرض
جحور الهامستر البرية ليست ثقوبًا بسيطة، بل مدن متكاملة تضم:
- غرفة النوم: مبطنة بالأعشاب للحفاظ على الحرارة.
- مخزن الغذاء: يُخزن فيه حتى 90 كجم من الحبوب في أنواع مثل الهامستر الأوروبي.
- حمامات التخلص من الفضلات: لمنع تلوث المساحات الحية.
- أنفاق طوارئ متعددة المخارج للهروب. في الأسر، يُحاكي هذا بتوفير فرش عميق 30 سم وبيوت خشبية. دراسة في “مجلة السلوك الحيواني” (2022) أثبتت أن الهامستر في الأقفاص ذات الفرش القليل يُظهر سلوكيات عصبية مثل قرض القضبان
8. التكاثر: آلات بيولوجية سريعة
أنثى الهامستر السوري تُدخل في حرارة كل 4 أيام لمدة 12 ساعة فقط! بعد التزاوج، يتشكل سدادة تزاوج (copulatory plug) لإغلاق الرحم ومنع إخصاب آخر. فترة الحمل الأقصر بين الثدييات (١٦ يومًا) تنتج صغارًا عميانًا بلا فراء، لكنهم ينموون بسرعة مذهلة:
- اليوم ٧: ظهور الفراء.
- اليوم ١٠: فتح العيون.
- اليوم ٢١: الفطام.
الغريب أن الأم قد تأكل صغارها إذا شمّت رائحة بشرية عليهم (بسبب لمس الإنسان لهم)، أو عند التوتر. الحل؟ استخدام قفازات عند التعامل مع الصغار
9. المناعة الضعيفة: جرس إنذار صحي
الهامستر حساس للأمراض البشرية أكثر من معظم الحيوانات الأليفة:
- نزلات البرد البشرية قد تقتله خلال 48 ساعة.
- فيروس LCM (المنقول عبر القوارض البرية) يسبب التهاب السحايا لدى الإنسان، وقد ينقله الهامستر المنزلي إذا تعرض لإفرازات حيوان مصاب.
- السالمونيلا تنتقل عبر برازه.
لذا، اغسل يديك قبل وبعد لمسه، ولا تدعه يقترب من وجهك. الأهم: تجنب شراء الهامستر من متاجر تضع الحيوانات في أقفاص مزدحمة، فهي بؤر للأمراض
10. الأنواع المهددة: معركة البقاء الصامتة
بينما تزدهر الأنواع الأليفة، تواجه الأنواع البرية مثل الهامستر الأوروبي (Cricetus cricetus) خطر الانقراض. صنفه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) كـمهدد بشكل حرج بسبب:
- الزراعة الأحادية: دمرت 75% من موائله في أوروبا الغربية.
- التلوث الضوئي: يعطل دورات تكاثره الليلية.
- تغير المناخ: قلل توفر البذور التي يعتمد عليها.
مشاريع الحفظ في فرنسا والمجر تحاول إنقاذه عبر استصلاح الأراضي الزراعية وتثبيت أنابيب الصرف كجحور اصطناعية. دعم هذه الجهود عبر منظمات مثل “حماية القوارض الأوروبية” يُعد واجبًا أخلاقيًا