
تعد رؤية قطتك تتقيأ طعامًا غير مهضوم تجربة شائعة ومثيرة للقلق لأصحاب القطط. هذه الظاهرة، المعروفة علميًا بـ “الترجيع” (Regurgitation) أو “التقيؤ بعد الأكل مباشرة”، لها أسباب متعددة تتراوح بين السلوكيات البسيطة والحالات الطبية الخطيرة. هذا المقال المفصل (لماذا يرجّع قطي طعامًا غير مهضوم؟) يغوص بعمق في الأسباب المحتملة، الآليات الفسيولوجية، التشخيص، العلاج، والوقاية من هذه المشكلة.
قد تكون مهتما بـ: القيء الأصفر عند القطط: ٣ كوارث قاتلة تختبئ وراء هذا اللون!
فهم الترجيع مقابل التقيؤ
- التمييز الحاسم: قبل الغوص في الأسباب، من الضروري التمييز بين الترجيع (Regurgitation) و التقيؤ (Vomiting). هذا التمييز مهم لتوجيه التشخيص.
- الترجيع: عملية سلبية نسبيًا. يخرج الطعام غير المهضوم (غالبًا على شكل أنبوب أو كتلة متماسكة تشبه ما تم ابتلاعه) من المريء أو البلعوم دون جهد بطني واضح، ودون سيلان لعاب مسبق أو غثيان أو تقلصات بطنية ملحوظة. يحدث عادةً بعد الأكل بفترة قصيرة (دقائق إلى ساعة). الطعام لا يصل إلى المعدة أصلاً أو يخرج منها بسرعة.
- التقيؤ: عملية نشطة تشمل الجهاز الهضمي العلوي (المعدة والجزء العلوي من الأمعاء). يسبقه غالبًا الغثيان (سيلان اللعاب، لعق الشفاه، البلع المتكرر)، التقلصات البطنية القوية، والانحناء. المادة المقذوفة تكون مهضومة جزئيًا أو كليًا، وقد تحتوي على عصارة صفراوية (سائل أصفر-أخضر) أو رغوة أو دم. يحدث بعد الأكل بفترة أطول (ساعات).
- لماذا التمييز مهم؟ أسباب الترجيع غالبًا ما تكون في المريء أو البلعوم أو مرتبطة بالأكل نفسه، بينما أسباب التقيؤ تشمل المعدة والأمعاء والكبد والبنكرياس وحتى الدماغ. معرفة الفرق يساعد الطبيب البيطري على تضييق نطاق التشخيص.
- هدف المقال: سيركز هذا المقال بشكل أساسي على الترجيع (خروج طعام غير مهضوم)، مع الإشارة إلى حالات التقيؤ عندما تكون ذات صلة أو عندما يكون التمييز صعبًا.
التشريح والفسيولوجي: كيف يعمل الجهاز الهضمي للقطط؟
- رحلة الطعام:
- الفم: المضغ (غير كافٍ في القطط مقارنة بالكلاب)، وبدء الهضم الأنزيمي (قليل).
- البلعوم: تقاطع للهواء والطعام. يوجه اللقمة إلى المريء عبر رد فعل البلع.
- المريء: أنبوب عضلي يدفع الطعام إلى المعدة عبر تقلصات موجية تسمى التمعج (Peristalsis). يوجد صمام عضلي في نهايته (العاصرة المريئية السفلية – LES) يمنع ارتجاع حمض المعدة.
- المعدة: تخزين مؤقت، خلط ميكانيكي، وهضم أنزيمي أولي (خاصة البروتين). تفرز حمض الهيدروكلوريك وأنزيم الببسين.
- الأمعاء الدقيقة: الهضم الرئيسي (أنزيمات البنكرياس والكبد) وامتصاص المغذيات.
- الآليات الأساسية للترجيع:
- فشل في البلع: مشاكل في الفم/البلعوم أو الأعصاب/العضلات المسؤولة عن رد فعل البلع.
- ضعف التمعج المريئي: عدم قدرة المريء على دفع الطعام للأسفل بكفاءة.
- انسداد مادي: جسم غريب، تضيق، ورم، أو ضغط خارجي يمنع مرور الطعام.
- خلل في العاصرة المريئية السفلية (LES): ضعف أو عدم ارتخاء يمنع دخول الطعام للمعدة، أو ضعف يسمح بارتجاع سريع.
- تهيج المريء: التهاب يجعل مرور الطعام مؤلمًا أو صعبًا.
اقرا ايضا: 5 كوارث صحية تسببها السمنة في القطط – كيف تمنعها؟
الأسباب السلوكية والعادات الغذائية (الأكثر شيوعًا)
- الأكل بسرعة فائقة (التهام الطعام – Wolfing down food):
- الآلية: ابتلاع كمية كبيرة من الطعام والهواء معًا بسرعة. يسبب تمددًا مفاجئًا للمريء أو الجزء العلوي من المعدة، مما يحفز منعكس الترجيع كرد فعل وقائي. الهواء (انتفاخ) يدفع الطعام للخلف.
- الأسباب: المنافسة (قطط متعددة)، القلق من نفاد الطعام، سلوك مكتسب، الجوع الشديد بعد صيام طويل.
- المظهر: طعام غير مهضوم غالبًا على شكل أنبوب أسطواني (شكل المريء)، ممزوج أحيانًا برغوة (اللعاب والهواء)، يحدث بعد الأكل مباشرة أو خلال دقائق.
- الإفراط في الأكل (Overeating):
- الآلية: تجاوز سعة المعدة الطبيعية. قد لا يتم تفريغ المعدة بالسرعة الكافية، أو يتم تحفيز منعكس الترجيع من امتلاء المعدة الزائد.
- الأسباب: تقديم وجبات كبيرة جدًا، الوصول الحر للطعام (Free-feeding) للقطط التي تفتقر لضبط النفس، حالات طبية تسبب الجوع الشديد (مثل السكري).
- النشاط أو الإجهاد بعد الأكل مباشرة:
- الآلية: الجري أو اللعب العنيف بعد الأكل مباشرة يخلق حركة وضغطًا داخل البطن يمكن أن يدفعا الطعام غير المستقر في المريء أو المعدة العلوية للخلف قبل أن يبدأ الهضم. الإجهاد يؤثر على حركية الجهاز الهضمي.
- القلق والإجهاد (Stress and Anxiety):
- الآلية: الإجهاد المزمن أو الحاد يؤثر سلبًا على وظيفة الجهاز العصبي اللاإرادي (المسؤول عن الهضم)، مما قد يضعف التمعج المريئي ووظيفة العاصرة المريئية السفلية، ويزيد حساسية المعدة. يمكن أن يؤدي القلق أثناء الأكل إلى ابتلاع الهواء.
- المحفزات: تغييرات في البيئة، وصول حيوان أو شخص جديد، الضوضاء الصاخبة، زيارات الطبيب البيطري، نقص البيئة المحفزة.
اقرا ايضا: انسداد القنوات الدمعية في القطط الشيرازية
أسباب متعلقة بالطعام وطريقة التغذية
- عدم تحمل الطعام أو الحساسية (Food Intolerance/Sensitivity):
- الآلية: رد فعل غير مرغوب فيه لمكون معين في الطعام (ليس بالضرورة مناعيًا مثل الحساسية). قد يسبب تهيجًا للمعدة أو المريء أو اضطرابًا في الحركة. في حالة الحساسية الحقيقية (أقل شيوعًا في الترجيع الفوري)، يكون هناك تفاعل مناعي.
- المكونات الشائكة: بعض البروتينات (لحم البقر، الألبان، السمك، الدجاج)، الحبوب (الذرة، القمح)، الإضافات الصناعية.
- ملاحظة: غالبًا ما يسبب التقيؤ (طعام مهضوم) أكثر من الترجيع، لكنه ممكن خاصة مع تهيج المريء.
- تغيير الطعام المفاجئ:
- الآلية: يحتاج الجهاز الهضمي للقطط إلى وقت للتكيف مع التركيبة الجديدة، الحموضة، ونوعية البروتين والدهون. التغيير المفاجئ يمكن أن يربك الهضم ويسبب تهيجًا أو اضطراب حركية.
- التوصية: الانتقال التدريجي على مدار 7-10 أيام بمزج الطعام القديم مع الجديد بنسب متزايدة للجديد.
- جودة الطعام وقابليته للهضم:
- الآلية: الأطعمة رديئة الجودة أو التي تحتوي على نسبة عالية من المواد غير القابلة للهضم (مثل بعض الحشوات، الكربوهيدرات المعقدة الزائدة) قد تكون أصعب على الهضم أو تسبب تهيجًا.
- الأطعمة شديدة الجفاف (الكيبل): يمكن أن تتسبب في تمدد غير مريح في المريء أو المعدة عند ابتلاعها بسرعة، أو تمتص السوائل وتسبب انزعاجًا.
- طريقة التقديم (وعاء الطعام):
- الأوعية العميقة أو الضيقة: قد تسبب إزعاجًا للشعيرات الحساسة حول فم القطة (الاهتزازات)، أو تجبرها على وضعية غير طبيعية أثناء الأكل، مما قد يساهم في ابتلاع الهواء أو عدم الراحة.
- ارتفاع الوعاء: قد يكون غير مناسب لبعض القطط (كبيرة السن، مشاكل مفاصل) مما يجعل الأكل صعبًا.
الأسباب الالتهابية والمعدية
- التهاب المريء (Esophagitis):
- الآلية: التهاب بطانة المريء الناتج عن تهيج (ارتجاع حامض المعدة، ابتلاع مواد كاوية، أجسام غربية)، عدوى (فيروسات مثل الهربس، بكتيريا، فطريات)، أو أمراض مناعية. الالتهاب يسبب ألمًا، تورمًا، وتشنجًا يعيق مرور الطعام ويزيد حساسية المريء، مما يؤدي إلى الترجيع.
- الأعراض: الترجيع (غالبًا مع سيلان لعاب)، صعوبة أو ألم عند البلع، فقدان الشهية.
- التهاب المعدة (Gastritis):
- الآلية: التهاب بطانة المعدة. يمكن أن يسبب تهيجًا يؤدي إلى التقيؤ (غالبًا طعام مهضوم جزئيًا أو رغوة صفراء)، ولكن إذا حدث التهيج مبكرًا جدًا بعد الأكل، قد يبدو الطعام غير مهضوم. الأسباب: عدوى (بكتيريا مثل هيليكوباكتر، فيروسات، طفيليات)، سموم، أدوية (مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية)، ابتلاع أجسام غريبة، أمراض جهازية.
- الالتهابات الفيروسية:
- فيروس بانليكوبينيا القطط (Feline Panleukopenia Virus): يهاجم الخلايا سريعة الانقسام، بما فيها خلايا الأمعاء، مسببًا التهابًا حادًا وتقيؤًا شديدًا (قد يبدو الطعام غير مهضوم في البداية)، إسهال دموي، جفاف، خمول. خطير ومميت.
- فيروس كورونا القطط (Feline Coronavirus – FCoV): يمكن أن يسبب أعراضًا هضمية خفيفة متقطعة مثل الترجيع أو التقيؤ في بعض القطط. نسخته الطافرة تسبب التهاب الصفاق المعدي السنوري (FIP) الذي يمكن أن يؤثر على الجهاز الهضمي أيضًا.
- الطفيليات المعوية:
- الديدان الأسطوانية (Roundworms): يمكن أن تسبب انسدادًا ميكانيكيًا جزئيًا أو تهيجًا في الأمعاء، مما يؤدي إلى التقيؤ (أحيانًا ترجيع إذا كانت في المعدة)، وقد تظهر الديدان في القيء أو البراز. شائعة في القطط الصغيرة.
- الديدان الخطافية (Hookworms)، الديدان السوطية (Whipworms): أقل شيوعًا في التسبب بالترجيع المباشر، لكنها تسبب التهابًا معويًا قد يساهم في اضطراب هضمي عام.
- الكوكسيديا (Coccidia)، الجيارديا (Giardia): طفيليات أولية تسبب التهابًا في الأمعاء الدقيقة، إسهالًا، وتقيؤًا (غالبًا مهضوم).
الأسباب الميكانيكية (الانسدادية)
- الأجسام الغريبة (Foreign Bodies):
- الموقع: عالقة في البلعوم، المريء، أو عند مخرج المعدة (البواب).
- الآلية: انسداد مادي يمنع مرور الطعام، مما يؤدي إلى الترجيع الفوري أو شبه الفوري بعد الأكل. خطير للغاية ويتطلب تدخلًا بيطريًا عاجلاً.
- الأشياء الشائعة: عظام، ألعاب صغيرة، خيوط أو خيوط مع إبرة (خطيرة جدًا)، شعر متجمع (كُرات شعر كبيرة جدًا)، قطع بلاستيك.
- تضيق المريء (Esophageal Stricture):
- الآلية: تضيق غير طبيعي في المريء نتيجة تندب، غالبًا بعد شفاء قرحة أو التهاب حاد (خاصة بسبب ارتجاع الحمض الشديد أو ابتلاع مواد كاوية). يعيق مرور الطعام، خاصة القطع الصلبة أو الكبيرة.
- الأورام (Tumors):
- الموقع: في البلعوم، المريء، منطقة فتحة المعدة، أو المعدة العلوية.
- الآلية: انسداد فيزيائي للطعام، أو تهيج وتقرح البطانة، أو تعطيل التمعج الطبيعي. يمكن أن تكون أورامًا حميدة أو خبيثة (مثل السرطان الغدي، الليمفوما).
- الفتق الحجابي (Hiatal Hernia):
- الآلية: جزء من المعدة يبرز عبر فتحة الحجاب الحاجز إلى الصدر. هذا يمكن أن يضعف وظيفة العاصرة المريئية السفلية (LES)، مما يؤدي إلى ارتجاع حمضي متكرر وتهيج المريء (التهاب المريء الارتجاعي)، وبالتالي الترجيع أو التقيؤ.
- تضخم الغدة الدرقية (خاصة في القطط المسنة):
- الآلية: تضخم الغدة الدرقية في الرقبة يمكن أن يضغط على المريء ميكانيكيًا، خاصة عند بلع كتل كبيرة من الطعام.
الأسباب الأيضية والجهازية
- أمراض الكلى المزمنة (Chronic Kidney Disease – CKD):
- الآلية: تراكم السموم (اليوريا، الخ) في الدم بسبب ضعف وظيفة الكلى. هذه السموم تهيج بطانة المعدة وتسبب التهاب المعدة البولي (Uremic Gastritis) والغثيان والقيء، والذي قد يحدث بعد الأكل بفترة قصيرة ويبدو الطعام غير مهضوم أحيانًا. شائع في القطط المسنة.
- أمراض الكبد:
- الآلية: الكبد يزيل السموم ويصنع عوامل التخثر والبروتينات. اختلال وظيفته يؤدي إلى تراكم السموم، نقص الألبومين (مما قد يساهم في ارتجاع السوائل)، والتهاب البنكرياس الثانوي. جميعها يمكن أن تسبب الغثيان والقيء.
- التهاب البنكرياس (Pancreatitis):
- الآلية: التهاب البنكرياس (العضو المسؤول عن إفراز أنزيمات الهضم والأنسولين). يؤدي إلى ألم بطني شديد، غثيان، قيء (غالبًا بعد الأكل)، خمول، وفقدان شهية. القيء قد يحتوي على طعام غير مهضوم إذا حدث مبكرًا.
- فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism):
- الآلية: زيادة هرمونات الغدة الدرقية تسرع عملية الأيض بأكملها، بما في ذلك حركة الجهاز الهضمي. هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة الشهية مع فقدان الوزن، وزيادة حركية المعدة والأمعاء، مما قد يسبب القيء (أحيانًا طعام غير مهضوم) أو الإسهال. شائع جدًا في القطط فوق سن 10 سنوات.
- داء السكري (Diabetes Mellitus):
- الآلية: نقص الأنسولين أو مقاومته يؤدي إلى ارتفاع السكر في الدم. يمكن أن يسبب الغثيان والقيء كجزء من مضاعفاته (الحماض الكيتوني السكري – حالة طارئة)، أو بسبب التهاب البنكرياس المصاحب.
الأسباب العصبية والعضلية
- الوهن العضلي الوبيل (Myasthenia Gravis):
- الآلية: مرض مناعة ذاتية يهاجم الوصلات بين الأعصاب والعضلات. يؤثر على عضلات البلع والمريء، مما يسبب ضعفًا شديدًا في التمعج وارتخاء العاصرة المريئية السفلية. يؤدي إلى ترجيع متكرر بعد الأكل مباشرة، وصعوبة في البلع، وضعف عام. نادر ولكنه خطير.
- اعتلال الأعصاب أو العضلات:
- الآلية: حالات أخرى تؤثر على الأعصاب (اعتلال الأعصاب) أو العضلات (اعتلال العضلات) المشاركة في البلع وحركة المريء. يمكن أن تكون خلقية أو مكتسبة (مثل التسمم، العدوى، أمراض التمثيل الغذائي).
- أمراض الجهاز العصبي المركزي:
- الآلية: أورام الدماغ، الالتهابات (مثل التهاب السحايا)، السكتات الدماغية، أو الصدمات التي تؤثر على مراكز التحكم في البلع والجهاز الهضمي في الدماغ. قد تسبب صعوبة في البلع أو اضطرابًا في منعكسات التقيؤ/الترجيع.
التشخيص: متى تزور الطبيب البيطري؟
- متى يكون الترجيع طبيعيًا؟ نادر الحدوث (مرة شهريًا أو أقل)، القطة تبدو طبيعية تمامًا، تأكل وتشرب وتلعب وتتبرز بشكل طبيعي، ولا يوجد فقدان وزن.
- علامات التحذير التي تستدعي زيارة الطبيب البيطري:
- تكرار الترجيع (مرتين أسبوعيًا أو أكثر، أو عدة أيام متتالية).
- وجود دم (أحمر فاتح أو قهوائي مثل القهوة) أو مادة صفراء-خضراء (عصارة صفراء) في القيء.
- فقدان الشهية أو العطش.
- الخمول، الاكتئاب، أو الاختباء.
- فقدان الوزن.
- الإسهال أو الإمساك.
- علامات الألم (البكاء، التردد في الحركة).
- صعوبة واضحة في البلع.
- سيلان اللعاب المفرط.
- انتفاخ البطن أو الألم عند الجس.
- إذا كانت القطة صغيرة جدًا أو مسنة أو تعاني من حالة طبية معروفة.
- عملية التشخيص:
- تاريخ طبي مفصل: تكرار وشكل الترجيع، علاقته بالأكل، نوع الطعام، التغيرات الأخيرة، سلوك القطة، الأدوية، التاريخ الطبي السابق، بيئة القطة.
- الفحص البدني الشامل: فحص الفم والبلعوم، جس الرقبة والبطن، تقييم حالة الجفاف، الوزن، درجة الحرارة، العقد الليمفاوية.
- الاختبارات التشخيصية الأساسية:
- تحليل الدم (CBC, Biochemistry): للكشف عن فقر الدم، الالتهاب، وظائف الكلى والكبد، السكر، الشوارد الكهربية، الغدة الدرقية.
- تحليل البول (Urinalysis): لتقييم وظائف الكلى، وجود التهاب، تركيز البول.
- تحليل البراز (Fecal Exam): للكشف عن الطفيليات المعوية (ديدان، أوليات).
- الاختبارات التشخيصية المتقدمة (إذا لزم الأمر):
- الأشعة السينية (X-rays): للبحث عن أجسام غريبة، تضخم أعضاء، كتل، أو انسداد.
- الأشعة السينية مع التباين (Barium Study): شرب سائل الباريوم الذي يظهر في الأشعة لتتبع حركته عبر المريء والمعدة والأمعاء، للكشف عن التضيقات، الانسدادات، أو اضطرابات الحركة.
- الموجات فوق الصوتية (Ultrasound): لتقييم بنية وحركة جدار المعدة والأمعاء، الكبد، البنكرياس، الكلى، والبحث عن كتل أو التهاب.
- تنظير داخلي (Endoscopy): إدخال أنبوب مرن بكاميرا عبر الفم لفحص البلعوم، المريء، المعدة، والجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة بشكل مباشر. يسمح بأخذ خزعات (عينات نسيجية) لتشخيص الالتهاب، العدوى، أو الأورام. العلاجي لاستخراج بعض الأجسام الغريبة.
- اختبارات خاصة: قياس ضغط المريء (Esophageal Manometry) لقياس قوة التمعج، اختبارات الدم المتخصصة (مثل اختبار الأجسام المضادة للوصل العصبي العضلي في الوهن العضلي الوبيل).
خيارات العلاج: من التعديلات المنزلية إلى التدخلات الطبية
يعتمد العلاج بشكل كامل على السبب الأساسي الذي تم تشخيصه.
- معالجة الأسباب السلوكية والعادات الغذائية:
- إبطاء الأكل:
- أوعية التباطؤ (Slow Feeder Bowls): أوعية ذات نتوءات أو متاهات تجبر القطة على العمل للحصول على الطعام.
- أحجية الطعام (Food Puzzles): ألعاب تطلق كريات الطعام تدريجيًا عند تحريكها، تحفز العقل وتبطئ الأكل.
- تقسيم الوجبات: تقديم عدة وجبات صغيرة على مدار اليوم بدلاً من وجبة أو وجبتين كبيرتين.
- نثر الطعام على سطح كبير (صحن مسطح): يمنع القطة من أكل كمية كبيرة دفعة واحدة.
- إطعام القطط المنفردة: إذا كانت هناك منافسة، إطعام القطط في غرف منفصلة أو أوقات مختلفة.
- منع الإفراط في الأكل: التحكم في كمية الطعام اليومية، تجنب التغذية الحرة للقطط المعرضة لذلك.
- إدارة الإجهاد:
- توفير بيئة آمنة: أماكن اختباء مرتفعة، صناديق، مساحات هادئة.
- اللعب التفاعلي المنتظم: لتخفيف التوتر وتقليد سلوك الصيد.
- الفيرومونات المهدئة (Feliway): بخاخات أو موزعات تحاكي فرمونات الوجه المهدئة للقطط.
- تجنب المحفزات المعروفة: إذا أمكن.
- في الحالات الشديدة: استشارة أخصائي سلوك حيوان أو أدوية مضادة للقلق بوصفة طبية من الطبيب البيطري.
- إبطاء الأكل:
- معالجة أسباب متعلقة بالطعام:
- حميات الإقصاء (Elimination Diet): للكشف عن عدم التحمل أو الحساسية. الانتقال إلى طعام جديد ببروتين واحد لم يسبق تناوله (مثل البط، الأرنب، الغزال) أو طعام مهضوم للغاية (هيدروليزد) لمدة 8-12 أسبوعًا تحت إشراف الطبيب البيطري.
- اختيار طعام عالي الجودة سهل الهضم: استشارة الطبيب البيطري لاختيار النظام الغذائي المناسب.
- نقع الكيبل الجاف: لجعله أسهل في البلع والهضم.
- تغيير نوعية الوعاء: استخدام أوعية ضحلة وواسعة أو صحون مسطحة.
- العلاج الطبي للأسباب الالتهابية والمعدية:
- مضادات الحموضة ومثبطات مضخة البروتون (PPIs): مثل أوميبرازول، بانتوبرازول لتقليل حمض المعدة وعلاج التهاب المريء الارتجاعي أو التهاب المعدة.
- أدوية حماية الغشاء المخاطي: مثل سوكرالفات، لتغطية القرحات أو المناطق الملتهبة في المريء والمعدة.
- مضادات القيء: مثل ماريوبيتانت (سيرينيا)، أوندانسيترون لتخفيف الغثيان والقيء.
- المضادات الحيوية: لعلاج الالتهابات البكتيرية.
- مضادات الفطريات: لعلاج الالتهابات الفطرية (مثل المبيضات في المريء).
- مضادات الطفيليات: لعلاج الديدان والطفيليات الأولية.
- السوائل الوريدية أو تحت الجلد: لعلاج الجفاف الشديد.
- العلاج الجراحي أو التدخلي للأسباب الميكانيكية:
- تنظير داخلي لاستخراج الأجسام الغريبة.
- جراحة لإزالة الأورام أو لعلاج الفتق الحجابي.
- توسيع المريء بالبالون (Balloon Dilation): لعلاج التضيقات المريئية.
- وضع دعامة (Stent): في بعض حالات التضيق أو الأورام غير القابلة للاستئصال.
- إدارة الأمراض الجهازية:
- أمراض الكلى: حمية خاصة قليلة الفوسفور والبروتين عالي الجودة، السوائل تحت الجلد، أدوية للتحكم في ضغط الدم والغثيان، ربط الفوسفور.
- فرط نشاط الغدة الدرقية: الأدوية المضادة للغدة الدرقية (ميثيمازول)، العلاج باليود المشع (العلاج الأكثر فعالية ودائمًا)، الجراحة (نادرة الآن).
- داء السكري: حقن الأنسولين، مراقبة سكر الدم، حمية مناسبة.
- التهاب البنكرياس: علاج داعم (مسكنات للألم، مضادات قيء، سوائل، تغذية داعمة)، غالبًا حمية قليلة الدهون.
- أمراض الكبد: علاج حسب السبب، حمية داعمة للكبد، أدوية لحماية الكبد، علاج المضاعفات.
- علاج الأسباب العصبية والعضلية:
- الوهن العضلي الوبيل: أدوية مثبطة للكولينستريز (بيريدوستيجمين)، علاج مناعي (كورتيكوستيرويدات، غلوبيولين وريدي)، علاج داعم للتغذية (قد يحتاج أنبوب تغذية).
- الأسباب العصبية الأخرى: علاج السبب الأساسي إذا أمكن، علاج داعم.
الوقاية: نصائح عملية لمنع الترجيع
- إدارة التغذية بذكاء:
- استخدام أوعية التباطؤ أو أحاجي الطعام.
- تقسيم الوجبات إلى حصص صغيرة ومتكررة (3-4 وجبات يوميًا على الأقل).
- الانتقال التدريجي عند تغيير الطعام.
- اختيار طعام عالي الجودة مناسب لعمر القطة وحالتها الصحية.
- تجنب إطعام كميات كبيرة مرة واحدة.
- تأمين بيئة هادئة ومريحة للأكل.
- تعزيز البيئة الغنية والمحفزة:
- توفير أماكن اختباء وأسطح مرتفعة.
- اللعب التفاعلي اليومي (10-15 دقيقة مرتين يوميًا).
- خدش مناسب (أعمدة خدش متعددة).
- استخدام الفيرومونات المهدئة في البيئات المجهدة.
- العناية بالشعر:
- تمشيط القطة بانتظام (يوميًا للقطط طويلة الشعر، أسبوعيًا للقصيرة) لإزالة الشعر الميت ومنع تكوين كرات الشعر الكبيرة.
- استخدام مكملات أو أطعمة تساعد على مرور كرات الشعر (تحتوي على زيوت أو ألياف مثل السيلليوم).
- توفير عشب القطط (Cat grass) لمساعدة القطة على التقيؤ الطبيعي لكرات الشعر الصغيرة.
- الرعاية الصحية الوقائية:
- زيارات بيطرية منتظمة: مرة سنويًا على الأقل للقطط البالغة، مرتين سنويًا للقطط فوق 7 سنوات. للكشف المبكر عن الأمراض الجهازية.
- التطعيمات الأساسية: لحمايتها من الفيروسات الخطيرة مثل البانليكوبينيا.
- التخلص من الديدان الدوري: حسب توصية الطبيب البيطري.
- مراقبة الوزن والسلوك: تسجيل أي تغيرات.
- إبعاد المخاطر:
- إبعاد الأجسام الصغيرة التي قد تبتلعها القطة (ألعاب، خيوط، إبر، عظام).
- التأكد من أن ألعابها آمنة ومناسبة لحجمها.
دراسة حالة: قطة اسمها “نمر”
- الخلفية: نمر، ذكر، قط منزلي، عمر 5 سنوات، غير معقم، وزن 6 كجم (وزنه الطبيعي). يأكل طعامًا جافًا تجاريًا عاديًا ويتم تغذيته مجانًا (Free-fed). لديه قطتان أخريان في المنزل.
- المشكلة: بدأ نمر في الترجيع 2-3 مرات أسبوعيًا. الطعام غير مهضوم، على شكل أنبوب أسطواني، يحدث عادة خلال 5 دقائق من الأكل. يبدو طبيعيًا بعد ذلك، يأكل ثانية أحيانًا، نشيط، برازه طبيعي.
- الإجراءات الأولية للمالك: لاحظ المالك أن نمر يأكل بسرعة كبيرة، خاصة عندما يقترب القطط الآخران من وعاءه. بدأ في عزل نمر أثناء الأكل في غرفة منفصلة، واستخدم صحنًا مسطحًا بدلاً من الوعاء العميق. انخفض الترجيع إلى مرة واحدة أسبوعيًا.
- زيارة الطبيب البيطري: بسبب استمرار المشكلة ولو بدرجة أقل، تم زيارة الطبيب. الفحص البدني طبيعي. تم إجراء تحاليل دم وبول أساسية وكانت جميع النتائج ضمن المعدل الطبيعي.
- التشخيص: اشتباه في الأكل السريع المسبب لترجيع الطعام، مع احتمال وجود قلق طفيف أثناء الأكل.
- الخطة العلاجية:
- استمرار إطعام نمر في غرفة منفصلة.
- استبدال الصحن المسطح بـ “وعاء تباطؤ” خاص.
- تقسيم حصته اليومية إلى 4 وجبات صغيرة.
- تقديم جزء من طعامه باستخدام “حجيرة طعام” بسيطة.
- استخدام موزع فيرمونات (Feliway) في منطقة طعامه.
- النتيجة: بعد أسبوعين، توقف الترجيع تمامًا. نمر يأكل بهدوء أكثر ويبدو أقل توترًا أثناء الوجبات. المالك يستمر في هذه الإجراءات الوقائية.
الخلاصة: فهم قطتك والتصرف بحكمة
ترجيع القطة للطعام غير المهضوم هو عرض شائع يمكن أن يكون ناتجًا عن أسباب تتراوح من العادات الغذائية البسيطة إلى الأمراض الخطيرة. التمييز بين الترجيع والتقيؤ هو الخطوة الأولى المهمة. بينما يمكن أن تكون بعض الحالات حميدة وتتحسن بتعديلات بسيطة في المنزل (خاصة تلك المتعلقة بالأكل السريع أو الإجهاد)، فإن التكرار أو وجود أعراض مرافقة هو جرس إنذار يستدعي زيارة الطبيب البيطري دون تأخير.
الاستشارة البيطرية المبكرة والفحص الشامل ضروريان لتحديد السبب الأساسي بدقة. التشخيص الدقيق هو مفتاح العلاج الفعال، والذي قد يشمل تغييرات في الإدارة الغذائية، علاجات دوائية، أو حتى تدخلات جراحية في بعض الحالات. الوقاية، من خلال إدارة التغذية الذكية، توفير بيئة غنية ومحفزة، والرعاية الصحية الوقائية المنتظمة، تلعب دورًا محوريًا في تقليل احتمالية حدوث هذه المشكلة والحفاظ على صحة جهاز قطك الهضمي وسعادتها العامة.
تذكر أن قطتك تعتمد عليك في ملاحظة التغيرات في صحتها وسلوكها. الانتباه لتفاصيل الترجيع (متى يحدث، شكله، تكراره، الأعراض المصاحبة) يوفر معلومات قيمة للطبيب البيطري. التعامل مع المشكلة بجدية وبشكل استباقي هو أفضل ما يمكنك تقديمه لرفيقك الفروي لضمان حياة طويلة وصحية.